Duration 1700

لا للإشاعات الولايات المتحدة الأمريكية

42 watched
0
1
Published 2021/03/20

آفة عظيمة، وبلية خطيرة، ومرض فتاك، وداء عضال، وسلاح مدمر. انزعج منه الأبرياء، واتهم بسبه البرءاء، وهدمت بسببه أسر، وخربت بيوت، ووقعت جرائم، وتقطعت علاقات وصداقات. إنه مرض اختلاق الإشاعات، ونشر الشائعات. الإشاعة : يصنعها عدو حاقد، ويتلقفها منافق فاسق، وينشرها غر جاهل. الإشاعة : كذبة يطلقها خبيث، ويصدقها أخرق، وينقلها أحمق، وتسير بها الركبان.. مع أنها قد تدمر حياة إنسان أو تهدد مصائر أوطان. خطر الإشاعات  إن للشائعات أخطارا عظيمة على الأفراد والجماعات، والأسر والمجتمعات: فكم من كريم صار بكلمة واحدة عرضة للملام.  وكم من شائعة أشعلت فتنة بين الأنام. وكم من كذبة فرقت بين أحبة وقطعت كريم صحبة وكم من ظلم وقع على أبرياء بسبب إشاعة نقلها بعض السفهاء. ولا يكمن خطر الشائعات والإشاعات في هذا فحسب، بل فيها زيادة على ذلك تشويه الحقائق، والتخذيل والإرجاف وقت الشدائد، وبث الخوف في قلوب الضعفاء، والقلق في عقول الأقوياء، مع ما فيه من تفريق صف المسلمين وإثارة النزاعات فيما بينهم، وما قد تسببه من خسائر لشركات ومؤسسات بل ودول ومجتمعات. زد على ذلك ذهاب الثقة بين الراعي والرعية، واختلال الموازين في تصديق وتكذيب الأخبار حتى لا يثق الناس في خبر. الكلمة مسؤولية وبعد كل هذا نقول: إن على مروجي الإشاعات وناقلي الأخبار دون تثبت أن يدركوا خطر ما يرتكبون، وأن يعلموا أنهم مسؤولون بين يدي الله تعالى على ما يفعلون، فإن الكلمة مسئولية.. خصوصا في زمان الانفتاح الإعلامي، وثورة التواصل الاجتماعي، وسرعة انتقال الأخبار، وانتشار الأقوال.. مع خراب الذمم، وخداع الصور، ووقوع الفتن، واضطراب الأحوال، والتباس الأمور، وغلبة الكذب، والفجر في الخصومات، مع عدم وجود دين يردع، أو خلق يمنع. كل هذا مما يزيد المسؤولية في نقل الأخبار ويوجب التنبه عند نشر الأقوال. لزوم التثبت ولهذا وغيره كان التثبت في الخبار قبل تصديقها فضلا عن إذاعته ونشرها منهجا قرآنيا وهديا نبويا يستراح به من القيل والقال، ويوفر على الأمة طاقاتها فيما ينفع ويفيد. فالقرآن الكريم يأمر بالتثبت والتبين قبل التصديق واتخاذ القرار. يقول تعالى: {يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، ويقول: {يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا}، ويقول أيضا: {كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا}. والنبي صلى الله عليه وسلم ينهى المسلم عن نقل كل ما يسمع ولا يخليه من مسئولية، ففي الحديث: [كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع]. وقال مالك الإمام: "اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما سمع دون تثبت" ؛ لأنه يسمع الصدق والكذب. وفي الحديث : [بئس مطية الرجل زعموا]. إن هناك من بين الناس أصحاب نفوس ضعيفة، وقلوب مريضة، وذمم خربة لا تخاف الله ولا تستحي من عباده، مهنتهم وهوايتهم نشر الأكاذيب والتغذي على لحوم البشر، فلابد من التنبه والتثبت حتى لا يفقد المرء بصيرته، ولا تفقد الأخبار مصداقيتها، فيضطرب حال الناس. آثار مدمرة إن للشائعات آثارا مدمرة على الأفراد والأسر والمجتمعات بل وعلى الأمم أحيانا. ووقائع التاريخ تدل على ذلك أكبر الدلالة؛ فقد حمل التاريخ لنا أمثلة لشائعات كان لها آثار خطيرة على الفرد والمجتمع: فمن ذلك: . الشائعة التي انتشرت في مكة بأن المشركين قد أسملوا بعد أن قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم.. وكان من عواقب انتشار تلك الشائعة أن رجع كثير من مهاجري الحبشة ظنا منهم أن الخبر صحيح، فنالهم من أذى المشركين ما لا يخطر لهم على بال، فاضطروا أن يقاسوا معاناة الهجرة للحبشة مرة ثانية ويعرضوا أنفسهم لمخاطر لا حصر لها. . في معركة أحد إشاعة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان لها من أثر في تثبيط همم بعض المسلمين، والإحباط الشديد للبعض حتى ترك ساحة المعركة وتوقف عن القتال؛ مما أدى في النهاية إلى وقوع الهزيمة بالمسلمين في هذه الملحمة الكبرى وذلك اليوم المهيب. . الشائعات التي أطلقها المغرضون ابن سبأ وفريقه، واتهامهم لسيدنا عثمان الخليفة الراشد بالتهم الكاذبة والتأليب عليه، فكانت بداية لفتنة كبرى، وتجمع أخلاط من المنافقين ودهماء الناس وقتل الخليفة الراشد، بل كان من آثار ذلك حرب الجمل وصفين وقتل آلاف المسلمين.. وكان من عواقبها ظهور فتن وفرق وفرقة إلى يومنا هذا. . ومن أشنع الإشاعات التي أطلقت في زمن النبوة حادثة الإفك: تلك الحادثة التي اختلقها المنافقون ابن سلول وأتباعه، وراجت على بعض المسلمين فنقلوها دون تثبت، حتى سرت في المجتمع كله، فهزت مجتمع المدينة شهرا كاملا.. وكانت من أشق التجارب في حياة المسلمين. لم يمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الإشاعة المختلقة الكاذبة، ولولا عناية الله لكادت أن تعصف بالأخضر واليابس بعد أن مكث المجتمع المسلم يصطلي بنارها شهرا كاملا، حتى نزل الوحي ليضع حدا لتلك المأساة وليكون درسا تربويا هائلا لذلك المجتمع ولكل مجتمع يأتي بعد إلى يوم القيامة.

Category

Show more

Comments - 0